فصل: الفرق بين الوسيلة والذريعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في أوجه ورود لفظ الحق:

وقد ورد الحَقّ على أحد عشر وجهًا:
الأول: بمعنى الجَزْ لقوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 112] أي: بغير جَزْمٍ كهذه الآية.
الثاني: بمعنى الصّفة قال تعالى: {الآن جِئْتَ بالحق} [البقرة: 71] أي: بالصفة التي نعرفها.
الثالث: بمعنى الصّدق قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين} [الروم: 47]، ومثله {ذلك عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الحق} [مريم: 47] أي: قول الصدق.
الرابع: بمعنى: وجب قال تعالى: {ولكن حَقَّ القول مِنِّي} [السجدة: 13] أي: وجب، ومثله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [غافر: 6] أي: وجبت.
الخامس: بمعنى: الولد قال تعالى: {بَشَّرْنَاكَ بالحق} [الحجر: 55] أي: بالولد.
السادس: الحقّ: الحُجّة قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا قالوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ} [يونس: 76] أي: جاءتهم الحجّة، وهي اليَدُ والعَصَاة.
السابع: بمعنى القَضَاء قال تعالى: {قَالَ رَبِّ احكم بالحق} [الأنبياء: 115] أي: اقض، ومثله: {وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الحق يأتوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور: 49].
الثامن: بمعنى: التوحيد قال تعالى: {بَلْ جَاءَ بالحق} [الصافات: 37] أي بالتوحيد.
التاسع: الحَقّ: الإسلام قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الحق وَزَهَقَ الباطل} [الإسراء: 81] أي: جاء الإسلام، وذهب الكفر، ومثله: {أَفَمَن يهدي إِلَى الحق} [يونس: 35] أي: إلى الإسلام، ومثله: {إِنَّكَ عَلَى الحق المبين} [النمل: 79].
العاشر: بمعنى القرآن، قال تعالى: {بَلْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق: 5] أي: بالقرآن.
الحادي عشر: الحَقّ: هو الله تعالى، قال تعالى: {وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءَهُمْ} [المؤمنون: 71] أي: في إيجاد الولد، ومثله: {وَتَوَاصَوْاْ بالحق} [العصر: 3] أي: بالله.
قوله: {ذَلِكَ بَمَا عَصَوا} مثل ما تقدم.
وفي تكرير اسم الإشارة قولان:
أحدهما: أنه مُشَار به إلى ما أشير بالأول إليه على سبيل التأكيد.
والثاني: ما قاله الزمخشري: وهو أن يشار به إلى الكُفْرِ، وقَتْلِ الأنبياء، على معنى أن ذلك بسبب عصيانهم، واعتدائهم؛ لأنهم انهمكوا فيها.
وما مصدرية، والباء للسببية، أي بسبب عصيانهم، فلا محلّ ل {عصوا} لوقوعه صلةً، وأصل عَصَوْا: عَصَيُوا تحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا، فالتقى سكنان الياء والواو، فحذفت الياء لكونها أوّل السّاكنين، وبقيت الفتحة تدلّ عليها، فوزنه فَعَوْا.
وأصل العصيان: الشدة.
واعتصمت النَّوَاة: إذا اشتدت.
قوله: {وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} المراد منه الظُّلم، أو تجاوز الحَقّ إلى الباطل.
وأصل: الاعتداء: المُجَاوزة من عَدَا يعْدُوا، فهو افْتِعَال منه، ولم يذكر متعلّق العصيان والاعتداء، ليعم كل ما يُعْصى ويعتدى فيه.
وأصل {يَعْتَدُون}: يَعْتَدِيُون، ففعل به ما فعل ب {تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] من الحذف والإعلال، وقد تقدم، فوزنه: يَفْتَعُون.
والواو من عصوا واجبة الإدغام في الواو بعدها، لانفتاح ما قبلها، وليس فيها مدٌّ يمنع من الإدغام، ومثله: {فَقَدِ اهتدوا وَّإِن تَوَلَّوْاْ} [آل عمران: 20] وهذا بخلاف ما إذا انظم ما قبل الواو، فإن المَدّ يقوم مقام الحاجز بين المثلين: فجيب الإظهار، نحو: {آمَنُواْ وَعَمِلُواْ} [البقرة: 25] ومثله: {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: 5]. اهـ. باختصار.

.فروق لغوية دقيقة:

الفرق بين أشياء مختلفة:

.الفرق بين الهبوط والنزول:

أن الهبوط نزول يعقبه إقامة ومن ثم قيل هبطنا مكان كذا أي نزلنا ومنه قوله تعالى: {اهبطوا مصرا} وقوه تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا} ومعناه أنزلوا الأرض للإقامة فيا ولا يقال هبط الأرض إلا إذا استقر فيها ويقال نزول وإن لم يستقر.

.الفرق بين الظعن والرحيل:

أن الظعن هو الرحيل في الهوادح ومن ثم سميت المرأة إذا كانت في هودجها ظعينة ثم كثر ذلك حتى سميت كل امرأة ظعينة والظعان حبل يشد به الهودج قال الشاعر من الوافر:
كما حاد الأزب عن الظعان

والمظعون المشدود بالظعان ثم كثر الظعن حتى قيل لك رحيل ظعن والأصل ما قلناه.

.الفرق بين الهنيء والمريء:

أن الهنيء هو الخالص الذي لا تكدير فيه ويقال ذلك في الطعام وفي كل فائدة لم يعترض عليها ما يفسدها والمريء المحمود العاقبة ويقال هنأني الطعام ومرأني الطعام بغير ألف فإذا أفردت قلت أمراني بغير همز وقال المبرد هذا الكلام لو كان له وجه لكان قمينا أن يأتي فيه بعلة وهل يكون فعل على شيء إذا كان وحده فإذا كان مع غيره انتقل لفظه والمراد واحد وإنما الصحيح ما أعلمتك وأمراني بغير همز معناه هضمته معدتي.

.الفرق بين النبذ والطرح:

أن النبذ اسم لإلقاء الشيء استهانة به وإظهار للأستفناء عنه ولهذا قال تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم} وقال الشاعر من الطويل:
نظرت إلى عنوانه فنبذته ** كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا

والحرح اسم لجنس الفعل فهو يكون لذلك ولغيره.

.الفرق بين التنحية والإزالة:

أن الازالة تكون إلى الجهات الست والتنحية الإزالة إلى جانتب اليمين أو الشمال أو خلف أو قدام ولا يقال لما صعد به أو سفل به نحي وإنما التنحية في الأصل تحصيل الشيء في جانب ونحو اليء جانبه.

.الفرق بين قولك تابعت زيدا وقولك وافقته:

أن قولك تابعته يفيد أنه قد تقدم منه شيء اقتديت به فيه ووافقته يفيد أنكما اتفقتما معنا في شيء من الأشياء ومنه سمي التوفيق توفيقا ويقول أبو علي رحمه الله عليه ومن تابع يريد به أصحابه ومنه سمي التابعون التابعين وقال أبو علي رحمه الله ومن وافقه يريد من قال بقوله وإن لم يكن من أصحابه وايضا فإن النظير لا يقال إنه تابع لنظيره لأن التابع دون المتبوع ويجوز أن يوافق النظير النظير.

.الفرق بين قولك اجتزا به وقولك اكتفى به:

أن قولك اجتزا يقتضي أنه دون ما يحتاج إليه وأصله من الجزء وهو اجتزاء الإبل بالرطب عن الماء وهي وإن اجتزأت به يقتضي أنه دون ما تحتاج إليه منه فهي محتاجة إليه بعض الحاجة والاكتفاء يفيد أن ما يكتفى به قدر الحاجة من غير زيادة ولا نقصان تقول فلان في كفاية أي في ما هو وفق حاحته من العيش.

.الفرق بين المحض والخالص:

أن المحض هو الذي يكون على وجه لم يخالطه شيء والخالص هو المختار من الجملة ومنه سمي الذهب النقي عن الغش خالصا ومن الأول قولهم لبن محض أي لم يخالطه ماء.

.الفرق بين العدل والفداء:

أن الفداء ما يجعل بدل الشيء لينزل على حاله التي كان عليها وسواء كان مثله أو أنقص منه والعدل ما كان من الفداء مثلا لما يفدى ومنه قوله تعالى: {ولا يقبل منها عدل} وقال تعالى: {أو عدل ذلك صياما} أي مثله.

.الفرق بين قولك تكأدني الشيء وقولك شق علي:

أن معنى قولك تكأدني آذاني ومعنى قولك شق علي صعب والأشق.
الطويل سمي بذلك لبعد أوله من آخره والشقة البعد من الثياب ترجع إلى هذا وأما قولهم بهظني الشيء فمعناه شق علي حتى غلبني والباهظ الشاق الغالب وأما قولهم بهرني الشيء فإن الباهر الذي يغلب من غير تكلف ومنه قيل القمر الباهر.

.الفرق بين الصراط والطريق والسبيل:

أن الصراط هو الطريق السهل قال الشاعر من الوافر:
حشونا أرضهم بالخيل حتى ** تركناهم أذل من الصراط

وهو من الذل خلاف الصعوبة وليس من الذل خلاف العز والطريق لا يقتضي السهولة والسبل اسم يقع على ما يقع عليه الطريق وعلى ما لا يقع عليه الطريق تقول سبيل الله وطريق الله وتقول سبيللك أن تفعل كذا ولا تقول طريقك أن تفعل كذا ويراد به سبيل ما يقصده فيضاف إلى القفاصد ويراد به القصد وهو كالمحبة في بابه والطريق كالإرادة.

.الفرق بين قولك عندي ولدني:

أن لدني يتمكن تمكن عن ألا ترى أنك تقول هذا القول عندي صواب ولا تقول لدني صواب وتقول عندي مال ولا تقول لدني مال ولكن تقول لدني مال إلا أنك تقول ذلك في المال الحاضر عندك ويجوز أن تقول عندي مال وإن كان غائبا عندك لأن لدني هو لما يلكي وقال بعضهم لدى لغة في لدن.

.الفرق بين قولك عندي كذا وقولك قبلي كذا وقولك في بيتي كذا:

قال الفقهاء أصل هذا الباب أن المقر مأخوذ بما في لفظه لا يسقطه عنه ما يقتضيه ولا يزاد ما ليس فيه فعلى هذا إذا قال لفلان علي ألف درهم ثم قال هي وديعة لم يصدق لأن موجب لفظه الدين وهو قوله: على لأن كلمة علي ذمة فليس له إسقاطه وكذا إذا قال قله قبلي ألف درهم لأن هذه اللفظه تتوجه إلى الضمان وإلى الأمانة إلا أن الضمان عليها أغلب حتى سمي الكفيل قبيلا فإذا أطلق كان على الضمان وأخذ به إلا أن يقيده بالأمانة فيقول له قبلي ألف درهم وديعة وقوله علي لا يتوجه إلى الضمان فيلزمه به الدين ولا يصدق في صرفه عند فصل أو وصل وقوله وعندي وفي منزلي وما اشبه ذلك من الأماكن لا يقتضي الضمان ولا الذمة لأنها ألفاظ الأمانة.

.الفرق بين قولك من مالي وقولك في مالي:

أن قولك في مالي إقرار بالشركة وقولك من مالي إقرار بالهبة فإذا قال له من دراهمي درهم فهو للهبة وإن قال له في دراهمي كان ذلك إقرار بالشركة.

.الفرق بين مع وعند:

أن قولك مع يفيد الاجتماع في الفعل وقولك عند يفيد الاجتماع في المكان ولاذي يدل على أن عند تفيد مع أنه يجوز ذهبت إلى عند زيد ولا يجوز ذهب إلى مع زيد ومن ثم يقال أنا معك في هذا الأمر أي معينك فيه كأني مشاركك في فعله ولا تقول في هذا المعنى أنا عندك.

.الفرق بين الرسوخ والثبات:

أن الرسوخ كمال الثبات والشاهد أنه يقال للشيء المستقر على الأرض ثابت وإن لم يتعلق بها تعلقا شديدا ولا يقال راسخ ولا يقال حائط راسخ لأن الجبيل أكمل ثباتا من الحائط وقال الله تعالى: {والراسخون في العلم} أي الثابتون فيه قود تكلمنا في ذلك قبل ويقولن هو أررسخهم في المكرمات أي أكملهم ثباتا فيها وأما لارسو فلا يستعمل إلا يستعمل إلا في الشيء الثقيل نحو الجبل وما شاكله من الأجسام الكبيرة يقال جبل راس ولا يقال حائط راس ولا عود راس وفي القرآن {بسم الله مجرها ومرساها} شبهها بالجبل لعظمها فالرسو هو الثبات مع العظم والثقل والعلو فان استعمل في غير ذلك فعلى التشبيه والمقاربة نحو قولهم أرسيت العود في الأرض.

.الفرق بين أخمدت الناء وأطفاتها:

أن الإخماد يستعمل في الكثير والإطفاء في الكثير والقليل يقال أخمدت الناء وأطفات النار ويقال أطفأت السراج ولا يقال أخمدت السراج وطفئت النار يستعمل في الخود مع ذكر النار فيقال خمدت نيرت الظلم ويستعمار الطف في غير ذكر النار فيقال طفىء غضبه ولا يقال خمد غضبه وفي الحديث الصدقة تطفىء غضب الرب وقيل الخمود يكون بالغلبة والقهر والإطفاء بالمداراة والرفق ولهذا يتسعمل الإطفاء في الغضب لأنه يكون بالمداراة والرفق والإخماد يكون بالغلبة ولهذا يقال خمدت نيران الظلم والفتنة.
وأما الخمود والهمود فالفرق بينهما أن خمود النار أن يسكن لبها ويبقى جمرها وهمودها ذهابها البتة وأما الوقود بضم الواو فاشتعال النار والوقود بالفتح ما يوقد به.

.الفرق بين القناعة والقصد:

أن القصد هو ترك الإسراف والتقتير جميعا والقناعة الاقتصار على القليل والتقتير إلا ترى أنه لا يقال هو قنوع إلا إذا استعمل دون ما يحتاج إليه ومقتصد لمن لا يتجاوز الحاجة ولا يقصر دونها وترك الاقتصاد مع الغنى ذم وترك القناعة معه ليس بذم وذلك أن نقيض الاقتصاد الإسراف وقيل الاقتصاد من أعمال الجوارح لأنه نقيض الإسراف وهو من أعمال الجوارح والقناعة من أعمل القلوب.

.الفرق بين الوسيلة والذريعة:

أن الوسيلة عند أهل اللغة هي القربة واصلها من قولك سألت أسال أي طلبت وهما يتساولان أي يطلبان القربة التي ينبغي أن يطلب مثلها وتقول توسلت إليه بكذا فتجعل كذا طريقا إلى بغيتك عنده والذريعة إلى الشيء هي الطريق اليه ولهذا يقال جعلت كذا ذريعة إلى كذا فتجعل هي الطريقة نفسها وليست الوسيلة هي الطريقة فالفرق بينهما بين.

.الفرق بين قولنا فاض وبين قولنا سال:

أنه يقال فاض إذا سال بكثرة ومنه الإفاضة من عرفه وهو أن يندفعوا منها بكثرة وقولنا سال لا يفيد الكثرة ويجوز أن يقال فاض إذا سال بعد الامتلاء وسال على كل وجه.